قال الإمام القرطبي: لمعرفة الناسخ طرق؛ منها: أن يكون في اللفظ ما يدل عليه،
ومنها: أن يذكر الراوي التاريخ مثل أن يقول: سمعت عام الخندق، وكان المنسوخ معلوما قبله. أو يقول: نُسخ حكم كذابكذا. ومنها: أن تجمع الأمة على حكم أنه منسوخ، وأن ناسخه متقدم. "المقدمات الأساسية (ص212)".
ويمكن تلخيص معرفة النسخ بالطرق التالية:
الأول: أن يأتي في لفظ النص ما يفيده صراحة:
ومثاله في لفظ الآية: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم
عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون}.الآية65 من سورة الأنفال.ل
فقد نسخت بقوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن
منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين}.الآية 66 من سورة الأنفال.
الثاني: أن يأتي في سياق النص قرينة تدل عليه:
كالذي ورد به قوله صلى الله عليه وسلم: (خذواعني خذوا عني، قد جعل الله
لهن سبيلا: البكر بالبكر جلدُ مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) "الناسخ والمنسوخ للنحاس (ص355)". فأشارصلى الله عليه وسلم بهذا الحديث إلى نسخ حكم حبس الزواني في البيوت الوارد في قوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأسكنوهن في البيوت حتىيتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا}. الآية 15 من سورة النساء.
الثالث: أن يعرف تاريخ المتقدم والمتأخر:
فالمتأخر في تشريعه ناسخ للمتقدم، كما هو الشأن في نسخ القبلة من بيت
المقدس إلى الكعبة.
ومما يفيد في هذا: تمييز المتقدم في نزوله بمعرفة المكي والمدني.
كما مما ينبغي أن يُستفاد مما يتصل بالنسخ في السنة: أن ما وجدناه من الأحكام
غير معلوم التاريخ معارضاً لأحكام جاءت في حجة الوداع أو بعدها إلى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فما جاء من تلكالأحكام في الحجة أو بعدها ناسخ لِما لم يُعلم لنا تاريخه، لأننا نعلم أن تلك الشرائع بها قد خُتم الدين. "الإحكام(83/4)".
ومثال ذلك: حكم الشرب قائما؛ صح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب
قائما من وجوه؛ منها: حديث أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي لله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: زجر عنالشرب قائما. "نواسخ القرآن (ص75)". وجاء الفعل على خلافه في حجة الوداع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم، فشرب وهو قائم". "الجامع لأحكامالقرآن."(1/ 64)
وذلك بأن يجمع المسلمون على نسخ النص، وله شروط وتفصيل. قال القرطبي:
"إذا وجدنا إجماعا يخالف نصا، فيُعلم أن الإجماع استند إلى نص ناسخ لانعلمه نحن، وأن ذلك النص المخالف متروك العملبه، وأن مقتضاه نُسخ وبقي سنة يقرأ ويروى، كما آية عدة السَنة في القرآن تتلى – يعني آية: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}. الآية 240 من سورة البقرة. –فتأمل هذا فإنه نفيس. ويكون من باب: نسخ الحكم دون التلاوة، ومثله: صدقة النجوى". يعني آية: {ياأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة}.الآية 12 من سورة المجادلة. "المقدماتالأساسية" (ص235)". |
الأحد، 28 أكتوبر 2012
طريق معرفة النسخ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق